إن مُهمَة البلاغة أن تعلمنا إلى أي مدى نستطيع أن نؤثر في النفوس
بوساطة الأسلوب الذي هو طريقة اختيار الكلمات ونظمها وذلك من أجل :
1- نقل المعاني أو الحقائق إلى ذهن السامع أو القاريء
وللأسلوب أهمية كبرى في ذلك ؛ فإذا كانت المعاني جيدة زادها الأسلوب الجيد قوة وجودة
2- نقل شعور المتكلم أو الكاتب إلى نفس القاريء أو السامع
فكل أديب له شخصيته وله شعوره نحو الشيء الذي يتحدث عنه أو يكتب فيه صاحبه ؛ وهو يصبغ الشيء بشيء من روحه ، ويلونه لونا من نفسه ،
ولذلك يختلف أثر الكتاب في نفوس السامعين والقراء من كاتب إلى آخر
*****************
فالأسلوب هو إحساس النفس بترقية إحساس الأديب لابتقليد غيره بل بالاستفادة فقط ليقوي إنشاءه مع المحافظة على شخصيته
ومن هنا ينشأ الاختلاف في الأساليب عند الأدباء لعدة أسباب منها :
1- اختلاف البيئات
2- اختلاف العصور
3- اختلاف الموضوعات
ولهذه الأسباب موضوعات خاصة لتفصيلها إن شاء الله قريبا
ثم ننتقل إلى أركان قوة الأسلوب
كما جاء في عنوان المقال :
حيث يجب مراعاة مطابقات معينة حتى يكون الأسلوب تاما وافيا بالغرض منه
* مطابقته للموضوع المعين
* مطابقته لعقلية المتلقين له
* مطابقته لنفس المتحدث أو الكاتب ومشاعرهُ
فتبدو الأساليب الجيدة التي يقبل عليها الناس لزيادة ثقافتهم ومعارفهم من ورائها أنها تشمل الصفات التالية :
( الوضوح ) و ( القوة )و ( الجمال )
لأن غرض الأديب هو نقل المعني للذهن أو التأثير في النفس ، أو إثارة الشعور بالمتعة والسرور ، أو كل ذلك مجتمعا
1- فالوضوح يكون عند إرادة الإفهام
2-والقوة تكون عند إرادة التأثير
3-والجمال يكون عند إرادة الإمتاع ودخال السرور والإعجاب
وقد تكون الأفكار في الموضوع في ذاتها واضحة قوية جميلة ؛ ولكن الأسلوب الجيد يساعد على الوضوح والقوة والجمال بشكل أفضل
عندما يجعل فهم تلك الصفات في الأفكار في متناول الجميع المثقف والإنسان الذي يقرأها أو يسمعها لأول مرة
لأن المعنى الجيد القوي الواضح الجميل ؛ إذا وضع في أسلوب غامضٍ أو ضعيف ، أو سمج غير مقبول ، لم يستطع غير الفيلسوف إدراكه
أما إذا صيغَ في جودة ووضوح وقوة بجمال إسلوب الكاتب فإن سواد الناس يدكونه ويعجبون به كالذهب مثلا ؛ هو ذهب في ذاته فإذا وضعَ أو غُطِّيَ بطبقة من القصدير
فلا يستطيع إدراكه غير الكيميائي المتخصص
ويعين على وضوح الأسلوب في نقل المعاني وهي أهم أغراضه للتأثير في العواطف عند المتلقي وإشعاره بالجمال ؛ أن تكون المعاني جميلة في ذاتها وواضحة من هنا ينبغي
للكاتب والمتحدث والأديب أن يتزود ب ( الثرة اللغوية الكافية ) لاختيار المناسب من الألفاظ لموضوعه بدقة تعبير وسهولة فهم وحسن تنسيق
ويفيده كذلك ؛ العلم بقواعد اللغة التي يكتب أو يتحدث بها وكيف يتم تركيب الجمل فيها وكيف يربط بينها عند عرضها بتسلسل منظم بتفكير دقيق وأمانة في نقل تلك الأفكار بجلاء ووضوح
والأدباء يختلفون في درجة هذه الأمور المعينة
2- وتأتي القوة بعد الوضوح حيث لا يكون الوضوح وحده غير كافٍ في كل الأحوال
وبخاصة عند إرادة تأثيره في العواطف والمشاعر عند المتلقيللحث على العمل بها ، وهنا يجب أن يكون الأسلوب مليئا بالحياة وهو ما نعبر عنه بقوة الأسلوب ، ويساعد على ذلك اختيار التعبير المثير
للذكريات الموحي بالخيالات أو يبعث في النفس أفكارا مناسبة للموضوع تأتي من قبيل تداعي المعاني
ونكمل الموضوع في مساهمة أخرى قريبا إن شاء الله